هؤلاء كانوا يثقون في تقنية التشفير السويسرية المتلاعب بها
مع استمرار تراجع وقع صدمة فضيحة التجسس المرتبطة بشركة كريبتو السويسرية شيئا فشيئا، يكشف تحليل رُخص التصدير كيف وضعت بلدان من جميع أنحاء العالم، بمجرّد مواجهتها لأي نوع من الإضطرابات، ثقتها في تقنية التشفير السويسرية التي كان يُفترض أن تكون آمنة تماما.
في أعقاب الكشف عن انخراط شركة كريبتو التي يوجد مقرّها في تسوغ في عملية تجسس واسعة النطاق قامت بها وكالة الإستخبارات الأمريكية والجهاز الفدرالي للإستخبارات الألمانية، قامت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ مؤخرا بتحليل الطلباترابط خارجي التي تقدمت بها الكثير من البلدان للحصول على تكنولوجيا التشفير السويسرية. وفي هذا الإطار، قامت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ بدراسة تراخيص التصدير ذات الصلة الصادرة عن أمانة الدولة للشؤون الإقتصادية خلال الفترة الفاصلة بين عامي 1997 و2019.
خلال هذه الفترة، منحت أمانة الدولة للشؤون الإقتصادية ما مجموعه 40.000 ترخيصا لتصدير سلع مدنية وعسكرية. ويتعلّق حوالي 2600 ترخيص منها بالتقنيات التي تتيح التبادل الآمن للمعلومات. واتضح أن الغالبية العظمى من هذه الصادرات تتعلّق بمعدات التشفير، وفق ما أكّدته أمانة الدولة للشؤون الإقتصادية في اتصال مع صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ".
وبالعودة إلى عدد من الخبراء في هذا المجال، أشارت الصحيفة إلى أن ثلاث شركات سويسرية كانت المصدّر الرئيسي لهذه التقنية، من ضمنها شركة كريبتو ومقرّها تسوغ، والتي تصدّرت قضيتها عناوين الصحف الرئيسية لنحو ثلاثة أسابيع بسبب انكشاف صلاتها بعمليات تجسّس شملت جميع انحاء العالم.
وكتبت الصحيفة السويسرية: "بمجرّد أن تتفجّر اضطرابات في مكان ما، تنهمر الطلبات الخاصة على تقنية حماية المعلومات من العبث المفترض". وبما أنه تبيّن حصول تلاعب بتكنولوجيا أجهزة التشفير، فإن مهمّة وكالة المخابرات الأمريكية أصبحت سهلة، حيث كان على أعوانها فقط الجلوس والإستماع إلى المكالمات.
صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" قسمت الفترة التي انصبّ عليها تحليلها (1997- 2019) إلى أربع فترات مفصلية:
1997- 2000: بعد ستّة أشهر من انتخاب هوغو شافيز رئيسا لفنزويلا في ربيع 1999. وافقت أمانة الدولة للشؤون الإقتصادية على تصدير تكنولوجيا التشفير بقيمة 18.9 مليون فرنك إلى هذا البلد الواقع في أمريكا اللاتينية. ويُقال إن الولايات المتحدة لعبت دورا مؤثّرا في تنظيم انقلاب فاشل ضد شافيز.
2001- 2008: خلال هذه الفترة، كانت الولايات المتحدة وليبيا من بين أهم البلدان المشترية لتكنولوجيا التشفير السويسرية بقيمة 14.4 مليون فرنك للأولى، و10 ملايين للثانية. ويُذكر أن هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية قد وقعت في هذه الفترة. وبينما كانت الولايات المتحدة مهتمة باستيراد هذه التكنولوجيا قبل وقوع الهجمات، ازداد الطلب الليبي عليها عقب حدوث تلك الهجمات.
2009- 2013: تفجرت ثورات الربيع العربي خلال هذه الفترة. ولذلك ليس من الصدفة أن كانت أكثر البلدان إقبالا على تكنولوجيا التشفير حينها هي بلدان شمال إفريقيا وبلدان الخليج العربية. وفي أعقاب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في مملكة البحرين في عام 2011، وافقت أمانة الدولة للشؤون الإقتصادية على تصدير آلات تشفير بقيمة 19.5 مليون فرنك إلى بلدان الخليج العربية. وأعقب ذلك، وبالتحديد في عام 2013، صدور تراخيص تصدير هذه التكنولوجيا إلى المملكة المغربية بقيمة 13.4 مليون فرنك وإلى الأردن بقيمة 16.6 مليون فرنك.
2014- 2019: في السنوات الأخيرة، تمت المصادقة في أغلب الحالات على طلبات ترخيص بالتصدير إلى بلدان بعينها على علاقة بالحرب في سوريا وظهور "تنظيم الدولة الإسلامية". وفي هذا السياق، وافقت أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية على عدد كبير من الصادرات إلى المملكة العربية السعودية. وتقول صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" إن صادرات تكنولوجيا التشفير في سويسرا قد انهارت ابتداءً من عام 2018.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
تم إيقاف التعليقات بموجب هذه المقالة. يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.