وفاة طارق عزيز الوجه الدبلوماسي لنظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين
توفي وزير الخارجية العراقي الاسبق طارق عزيز الجمعة عن عمر ناهز 79 عاما، كان خلال عقدين منها على الاقل ابرز وجوه نظام الرئيس الاسبق صدام حسين، وصوته الدبلوماسي الناطق بالانكليزية في المحافل الدولية.
وكان عزيز، بنظارتيه الكبيرتين ولباسه الانيق، المسؤول المسيحي الوحيد في الحلقة الضيقة لصدام الذي حكم العراق منذ اواخر سبعينات القرن الماضي، وابرز وجوه نظامه الى حين سقوطه خلال الاجتياح الاميركي في 2003.
يذكر ان عزيز سلم نفسه الى قوة اميركية بعد 15 يوما من سقوط بغداد.
وحكم على الرجل بالاعدام شنقا في تشرين الاول/اكتوبر 2010، لادانته "بالقتل العمد وجرائم ضد الانسانية" في قضية "تصفية الاحزاب الدينية" التي تعود الى الثمانينات. كما حكم عليه بالسجن في قضايا عدة.
وقال عادل عبد الحسين الدخيلي، نائب محافظة ذي قار حيث كان عزيز مسجونا، لوكالة فرانس برس "طارق عزيز توفي في مستشفى الحسين التعليمي في مدينة الناصرية، بعد نقله اليه اثر تدهور حالته الصحية".
وقال مدير عام صحة ذي قار سعدي الماجد ان طارق عزيز "وصل الى مستشفى الحسين التعليمي عند الثالثة بعد ظهر اليوم (1200 ظهرا تغ) وكان في ازمة صحية حادة جدا وتوفي بسبب تعرضه لازمة قلبية".
وعانى عزيز في السابق من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام دقات القلب.
وطالبت عائلته مرارا بالافراج عنه نظرا للظروف الصعبة في السجن. كما نقل عن محاميه في 2011، طلبه من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الاسراع في تنفيذ حكم الاعدام الصادر بحقه بسبب تردي وضعه الصحي.
وشغل عزيز مناصب عدة اذ عين وزيرا للاعلام في السبعينات، ثم وزيرا للخارجية في 1983، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء في 1991.
ورغم مناصبه، يعتقد ان عزيز لم يكن صاحب نفوذ في عملية اتخاذ القرار داخل النظام، بل كان موكلا الدفاع عنه امام العالم.
ولد طارق عزيز في تلكيف شمال الموصل في شمال العراق في 28 نيسان/ابريل 1936، وهو من عائلة كلدانية، واسمه الحقيقي يوحنا ميخائيل.
وتعرف عزيز على صدام حسين منذ خمسينات القرن الماضي، الا انه بقي بعيدا عن الدائرة المقربة منه والتي ارتكزت بشكل واسع على رموز من السنة لا سيما من منطقة تكريت مسقط رأس الرئيس الاسبق الذي اعدم في 2006.
وتدرج في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، ليصبح المسيحي ذي الرتبة الاعلى في الحزب الذي حكم البلاد منذ العام 1968.
واكتسب عزيز صيتا ذائعا في الغرب، بنظارتيه الكبيرتين وسيجاره الفاخر وقدرته على التحدث بالانكليزية بطلاقة. وبقي في منصبه الى حين سقوط النظام اثر دخول القوات الاميركية في نيسان/ابريل 2003.
ويقول منتقدو الغزو ان عزيز كان سجينا سياسيا، واودع الاحتجاز بسبب مقارعته ببراعة للذرائع الاميركية والبريطانية، لا سيما منها تلك المتعلقة بامتلاك بغداد اسلحة دمار شامل، والتي مهدت لاجتياح 2003.
ولم يعرف الكثير عن عزيز منذ دخوله السجن، باستثناء بعض المناشدات من عائلته ومحاميه للافراج عنه نظرا لوضعه الصحي، ومقابلة صحافية بثتها قناة "العربية" السعودية معه في نيسان/ابريل 2013، تحدث خلالها عن علاقته بصدام والحرب مع ايران (1980 - 1988) وغزو الكويت الذي اعتبره "غلطة كبيرة"، وعن نظرة صدام الى اسرائيل وعلاقاته الاسرية.
ويتردد ان عزيز اصيب في السجن بازمتين قلبيتين، يرجح ان الثانية سببها اضراب عن الطعام استمر ثلاثة ايام، احتجاجا على ظروف سجنه.
وبرز دور عزيز بعيد اجتياح الكويت في صيف 1990، وحرب الخليج في العام الذي تلاه، والحصار الدولي الذي فرض على العراق. وشهدت التسعينات سجالات عدة بين بغداد ومفتشي الامم المتحدة الباحثين عن اسلحة الدمار الشامل في العراق، ادى عزيز دورا اساسيا فيها.
وبعد غارات اميركية وبريطانية ضد بلاده في 1998، وجه عزيز انتقادات لاذعة الى المجتمع الدولي والدول العربية و"المجرمين"، في اشارة الى الرئيس الاميركي بيل كلينتون ورئيس الحكومة البريطاني طوني بلير.
وقام عزيز مطلع العام 2003 بجولة في العواصم الاوروبية، في ما بدا انها محاولة ربع الساعة الاخير لتفادي الاجتياح الاميركي لبلاده.
ومنحه اتقانه اللغة الانكليزية منذ دراسته الجامعية، منفذا على الصحافة الاجنبية التي لجأت اليه لسماع وجه نظر النظام الذي عرف بالشدة والبطش والخلافات الحادة مع الغرب، وغالبا ما اعتلى المنابر الدولية للدفاع عنه والخوض في نقاشات ديبلوماسية حادة مع خصومه.
وحتى بعد اعدام صدام، بقي عزيز على مواقفه، لا سيما خلال محاكمته مع ثلاثة اركان آخرين بارزين في 2007، حين شدد على ان الزعيم السابق لم يرتكب جرائم ضد الانسانية وانه عاقب فقط من حاولوا اغتياله، في اشارة الى الحكم على صدام بالاعدام في قضية مقتل 148 شخصا اثر تعرضه لمحاولة اغتيال في العام 1982.
وكان عزيز بين المسؤولين عن الدعاية الحزبية في البعث العام 1963، قبل خمسة اعوام من وصول الحزب الى السلطة. وادار صحيفة الثورة الحزبية، قبل ان يعين في السبعينات وزيرا للاعلام.
ونجا عزيز من محاولة قتل بقنبلة يدوية استهدفته في الجامعة المستنصرية في بغداد في العام 1980، وادت الى مقتل عدد من الاشخاص، واتهم بها حزب الدعوة الشيعي الذي يعد حاليا من ابرز الاحزاب على الساحة السياسية في العراق.