ملك المغرب ينتقد الجزائر بحدة مؤكدا استثمار ثروات الصحراء الغربية لصالح سكانها
وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الاربعين للمسيرة الخضراء، انتقادات لاذعة الى الجزائر بشأن الصحراء الغربية مؤكدا في الوقت ذاته استثمار عائدات هذه المنطقة لصالح سكانها.
وحمل ملك المغرب ليل الجمعة السبت في العيون كبرى مدن الصحراء الغربية، بعنف على الجزائر التي اتهمها بترك سكان مخيمات تندوف للاجئين الصحراويين في "وضعية مأساوية ولا انسانية".
وقال متسائلا "لماذا لم تقم الجزائر بأي شيء من أجل تحسين أوضاع سكان تندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا على أقصى تقدير أي حي متوسط بالجزائر العاصمة؟".
ورأى ان ذلك "يعني أنها لم تستطع أو لا تريد أن توفر لهم طيلة أربعين سنة حوالى ستة آلاف سكن يصون كرامتهم بمعدل 150 وحدة سكنية سنويا".
وتابع ملك المغرب "لماذا تقبل الجزائر التي صرفت المليارات في حربها العسكرية والدبلوماسية ضد المغرب بترك سكان تندوف في هذه الوضعية المأساوية واللاانسانية؟".
وفي السياق ذاته، قال العاهل المغربي "نؤكد مواصلة استثمار عائدات الثروات الطبيعية لفائدة سكان المنطقة، في اطار التشاور والتنسيق معهم".
والصحراء الغربية التي يبلغ عدد سكانها اقل من مليون نسمة، مستعمرة اسبانية سابقة ضمها في 1975 المغرب الذي يقترح حاليا منحها حكما ذاتيا واسعا بينما تطالب الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووداي الذهب (بوليساريو) المدعومة من الجزائر باجراء استفتاء حول منحها حق تقرير المصير.
ولفت عاهل المغرب الى حرصه على تمكين أبناء الصحراء "من الوسائل اللازمة لتدبير شؤونهم وإبراز قدراتهم في النهوض بتنمية المنطقة".
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار لفرانس برس ان تنمية المناطق "تلبي احتياجات السكان (...) لتحمل مسؤولياتهم وادارة شؤونهم بانفسهم وجذب الاستثمارات وايجاد وظائف بما يمنح الامل للشبان".
واضاف ان كل هذا "يشكل استعدادا لحكم ذاتي موسع" في الصحراء الغربية في اشارة الى اقتراح قدمه المغرب عام 2007 لكن جبهة البوليساريو رفضته.
وأعلن الملك مجموعة من المشاريع "كالمشروع الكبير لتحلية ماء البحر بالداخلة (أقصى جنوب الصحراء) وإقامة وحدات ومناطق صناعية بالعيون والمرسى وبوجدور".
وفي مجال البنى التحتية، أوضح الملك انه "ستتم تقوية الشبكة الطرقية بالمنطقة بإنجاز طريق مزدوج، بالمواصفات الدولية، بين تيزنيت (جنوب المغرب) والعيون والداخلة (أقصى جنوب الصحراء)" ب طول اكثر من الف كيلومتر.
ودعا الحكومة الى التفكير في إقامة محور للنقل الجوي انطلاقا من الصحراء الغربية نحو إفريقيا. كما تحدث عن عزم المغرب "بناء الميناء الأطلسي الكبير لمدينة الداخلة وإنجاز مشاريع كبرى لطاقة الشمس والرياح".
واعتبر أن ما يهمه "هو صيانة كرامة أبناء الصحراء وخصوصا الأجيال الصاعدة وتعميق حبهم وارتباطهم بوطنهم".
وأعلن كذلك "إحداث صندوق للتنمية الاقتصادية مهمته تطوير النسيج الاقتصادي، ودعم المقاولات والاقتصاد الاجتماعي، وتوفير الدخل وفرص الشغل وخصوصا لفائدة الشباب" في الصحراء.
وتتهم بوليساريو السلطات المغربية ب"استنزاف" خيرات الصحراء الغربية، وعلى رأسها الفوسفات (75% من الاحتياطي العالمي) والثروة السمكية (سواحل الصحراء من أغنى مناطق الكثافة السمكية).
لكن محمد السادس اكد ان فوسفات الصحراء الغربية لا يمثل سوى 2% من فوسفات المغرب.
من جهة اخرى، تساءل الملك عن مصير المساعدات الانسانية للصحراء الغربية. وقال "اين ذهبت مئات الملايين من اليوروهات التي تقدم كمساعدات إنسانية وتتجاوز 60 مليون يورو سنويا، دون احتساب الملايين المخصصة للتسلح ولدعم الآلة الدعائية والقمعية للانفصاليين؟".
وأضاف "كيف يمكن تفسير الغنى الفاحش لزعماء الانفصال الذين يملكون العقارات وحسابات وأرصدة بنكية بأوروبا وأمريكا اللاتينية؟".
وفي السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 1975 لبى 350 ألف مغربي نداء العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني في "مسيرة خضراء" الى الصحراء الغربية "لاستعادة الاقاليم الصحراوية" من المستعمر الإسباني.
وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون دعا قبل يومين الى مفاوضات "خلال الاشهر المقبلة" بين الاطراف المتنازعة في الصحراء الغربية مشيرا الى ان موفد المنظمة الدولية كريستوفر روس يكثف جهوده في هذا الاتجاه.
وقال بان "ادعو جميع الاطراف المعنية في المنطقة وفي الاسرة الدولية بمجملها الى الاستفادة من تكثيف جهود موفدي لتسهيل اطلاق مفاوضات جدية خلال الاشهر المقبلة".