تكثيف الاتصالات حول سوريا والمعارضة لا تعتبر الظروف مؤاتية للمفاوضات
تكثفت الاتصالات الدبلوماسية الجمعة حول الأزمة السورية مع اقتراب موعد استئناف المفاوضات في ظل هشاشة الهدنة وتردد المعارضة في المشاركة مجددة موقفها رفض اي دور للرئيس السوري بشار الاسد في المرحلة الانتقالية.
واعتبر رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من المعارضة السورية رياض حجاب في باريس أن "الظروف حاليا غير مؤاتية" لاستئناف المفاوضات حول سوريا في التاسع من آذار/مارس الحالي في جنيف.
وخلال تواجده في باريس، التقى حجاب وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، الذين شددوا على ضرورة الاستئناف السريع للمفاوضات، في ظل هشاشة الهدنة التي توصلت إليها روسيا والولايات المتحدة بدعم الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في السابع والعشرين من شباط/فبراير.
وقال حجاب "لا المساعدات الإنسانية وصلت، ولم يطلق سراح معتقلين، والقرار 2254 لم يطبق، كما لم يتم الالتزام بالهدنة المؤقتة، والعمليات القتالية مستمرة"، مشيرا الى أنه "خلال سبعة أيام من عمر الهدنة المؤقتة (...) تم توثيق أكثر من 90 غارة سورية على 50 منطقة".
لكن الامم المتحدة اعلنت الجمعة إيصال مساعدات إنسانية لعشرين ألف شخص في ثلاث مدن محاصرة في ريف دمشق، وهي ثاني عملية من نوعها منذ بدء تطبيق وقف إطلاق النار.
وحول المفاوضات، قال حجاب "من المبكر الحديث عن مفاوضات" في الموعد المحدد، لكنه استدرك قائلا "سندرس الأمر مع أعضاء الهيئة، وفي ضوء ذلك نتخذ قرارنا".
وفشلت جولة اولى من مفاوضات السلام السورية عقدت في الثالث من شباط/فبراير في جنيف بسبب تكثيف القصف الروسي وازدياد الوضع الإنساني سوءا.
-الأسد والمرحلة الانتقالية-
من جهة أخرى، أعاد حجاب تأكيد ان "لا دور" للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية في حين اعتبر الموفد الدولي ستافان دي ميستورا ان السوريين "هم الذين يقررون مصير" رئيسهم، الذي يعتبر العقبة الرئيسية في التوصل الى حل سياسي للأزمة.
وتساءل دي ميستورا "الا يمكننا ان نترك السوريين ليقرروا ذلك في الواقع؟ لماذا يجب ان نقول مسبقا ما يجب ان يقوله السوريون طالما ان لديهم الحرية والفرصة لقول ذلك؟".
وتكرر موسكو وطهران، حليفتا دمشق، أن السوريين هم الذين يقررون، داعيتان إلى تنظيم انتخابات في أسرع وقت رغم الفوضى القائمة في البلاد.
أما الغربيون وبعض الدول العربية، فيعتبرون من جعتهم أن الرئيس السوري "لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا" وعليه التنحي مع بدء مرحلة انتقالية.
-"الثورة مستمرة"-
تكثفت الاجتماعات والمحادثات الهاتفية الجمعة من باريس بين الداعمين الأوروبيين للمعارضة السورية وحليفة النظام روسيا.
وظهر مجددا اختلاف الرؤية بين باريس وموسكو حول الحل السياسي للنزاع.
وانتقد الرئيس فرنسوا هولاند فكرة تنظيم انتخابات قريبا جدا في سوريا، واعتبرها "استفزازية" و"غير واقعية". غير أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين اعتبر أن الأمر لا يتعارض مع عملية السلام.
ميدانيا استمر صمود اتفاق وقف الاعمال القتالية في حين تعرضت اطراف مدينة دوما ابرز معاقل الفصائل في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لقصف جوي الجمعة للمرة الاولى منذ سريان اتفاق وقف الاعمال القتالية، ما تسبب بمقتل شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
ومساء الجمعة سيطرت فصائل مسلحة معارضة واسلامية على منفذ التنف الحدودي بريف حمص الشرقي عند الحدود السورية العراقية الذي كان بيد تنظيم الدولة الاسلامية منذ ايار/مايو 2015، وفق المرصد.
ويشمل اتفاق وقف الاعمال القتالية في سوريا الذي بدأ تطبيقه منتصف ليل الجمعة السبت جزءا صغيرا من البلاد فقط، نتيجة سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة المستثنيين منه على اكثر من نصف البلاد، بالإضافة إلى "بقية المنظمات الارهابية التي حددها مجلس الامن".
وتتحالف جبهة النصرة في محافظات سورية عدة مع فصائل مقاتلة غالبيتها اسلامية تحديدا في محافظتي ادلب (شمال غرب) وحلب (شمال)، ولها تواجدها الميداني في محافظة دمشق وفي جنوب البلاد.
وبحسب موسكو، فقد تم تسجيل 27 خرقا لوقف إطلاق النار في الساعات الأربع وعشرون الماضية، وخصوصا في محافظة حلب. ولا تزال الأسلحة تعبر "بشكل دائم" على الحدود التركية السورية الفصائل المسلحة، ما "يهدد الوقف المقبل للأعمال القتالية".
وللاستفادة من الهدنة، خرج مئات السوريين في تظاهرات في مدينة حلب، للمرة الأولى منذ سنوات، تحت شعار "الثورة مستمرة"، إحياء للاحتجاجات المعتادة المناهضة للنظام يوم الجمعة.