بين فرنسا والولايات المتحدة تعاون عسكري في افضل مستوياته
بعدما شهدت بدايات الالفية توترا بين باريس وواشنطن تظهر فرنسا اليوم في موقع الشريك الاساسي للولايات المتحدة على الصعيد العسكري في حين تبدو بريطانيا، حليفها الاوروبي التقليدي في هذا مجال، اكثر تحفظا.
وتجلت هذه العلاقة المميزة على صعيد العمليات العسكرية، في صور رئيس هيئة الاركان المشتركة للجيش الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي مبتمسا في مطلع اذار/مارس مع نظيره الفرنسي بيار دوفيلييه على سطح حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول.
واشركت فرنسا حاملة طائراتها شارل ديغول في 23 شباط/فبراير ولمدة ثمانية اسابيع في عمليات الائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي تقوده الولايات المتحدة، في اندماج بلغ حدا غير مسبوق من التعاون العملاني، وفق ما افاد ضباط فرنسيون في الموقع.
وفي افريقيا تقدم الولايات المتحدة دعما عسكريا للعمليات التي تنفذها فرنسا ضد المجموعات الجهادية في مالي.
وتضع الولايات المتحدة في تصرف فرنسا قدراتها اللوجستية والاستخباراتية الفريدة من عمليات تموين في الجو للطائرات وامكانات نقل جوي ووسائل استطلاع.
وقال مصدر فرنسي مشارك في هذا التعاون ان "التعاون العسكري بلغ مستوى قلما عرفناه من قبل". واكد مسؤول عسكري اميركي ان "هناك عمليات حاسمة حركت التعاون بين قواتنا على جميع المستويات".
واضاف ان "العلاقة الوثيقة" بين رئيسي هيئتي الاركان "ينعكس على الضباط الفرنسيين والاميركيين على جميع مستويات الهرمية القيادية".
ويقول الفرنسيون ان العملية العسكرية التي اطلقتها فرنسا في مالي اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2013 لفتت انتباه الاميركيين واقنعتهم بان باريس تعرف كيف تتحرك حين يكون ذلك ضروريا، وهو ما اكده خبراء اميركيون.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي ان الولايات المتحدة "دهشت" لرؤية فرنسا "تنشر في غضون ايام قليلة وفي بيئة معادية عمليات عسكرية ولمكافحة الارهاب" بدعم دولي.
وتابع المصدر ان العزم الذي اظهرته فرنسا اثار اعجاب الاميركيين ولا سيما في وقت تسعى السياسة الخارجية الاميركية لايجاد حلفاء تتقاسم معهم اعباء العمليات العسكرية.
وقال مصدر عسكري فرنسي ان "فرنسا هي في الوقت الحاضر الحليف الاوروبي الاكثر التزاما واقداما" للولايات المتحدة.
واوضح المصدر الدبلوماسي الفرنسي ان "الولايات المتحدة بحاجة الى شركاء لديهم الارادة والقدرة على التحرك عسكريا" في مناطق نزاع خارجية.
وقال كريس تشيفيس من مركز راند كوربوريشن للدراسات المتخصص في المسائل الدفاعية ان الحكومات الفرنسية المتعاقبة من اشتراكية ومحافظة تبدو من الضفة الاخرى من الاطلسي اقرب الى "الصقور".
ولعبت فرنسا دور المحرك في الحملة العسكرية ضد نظام القاذفي في ليبيا عام 2011 فيما اكتفى الاميركيون بدور الداعم، كما تبنت باريس لهجة اكثر حزما في المفاوضات حول الملف النووي الايراني في وقت بدا البيت الابيض اكثر ليونة. كما يبدو موقف فرنسا ملفتا في سياق النزاع السوري.
وكان فرنسوا هولاند على وشك خوض حملة عسكرية مشتركة ضد نظام دمشق حين عدل الرئيس الاميركي عن موقفه في اللحظة الاخيرة.
وبالمقارنة، يؤكد المراقبون الفرنسيون والاميركيون ان بريطانيا، الحليف التقليدي والمميز للولايات المتحدة في اوروبا، تبدو اكثر تحفظا في ما يتعلق بالالتزام العسكري.
وقالت ليندا روبنسون خبيرة القوات الخاصة في مركز راند ان "فرنسا تاتي في الطليعة في عدد من المواضيع لان مصالحها تتفق مع المصالح الاميركية" ولا سيما في افريقيا والشرق الاوسط.
ويرى العديدون ان بريطانيا لا تزال تعالج تبعات التزام القوات البريطانية الى جانب الاميركيين في العراق وافغانستان، ما "انهك" قواتها العسكرية.
ولفت مصدر عسكري فرنسي الى انه خلافا لفرنسا، لم تعد بريطانيا حاضرة على جميع مستويات القدرات العسكرية، فهي لم تعد تملك على سبيل المثال حاملة طائرات او قوة ردع نووية جوية.
وقال كريس تشيفيس ان "قدرة فرنسا في سياق تحرك ذاتي اكبر على الارجح من قدرة بريطانيا".
لكن ان كانت فرنسا وطدت علاقاتها حاليا مع الولايات المتحدة الا ان ذلك لا ينعكس بنظره على العلاقة المميزة بين واشنطن ولندن.
وشدد على ان العلاقات الفرنسية الاميركية والعلاقات البريطانية الاميركية "مختلفة من حيث طبيعتها" مضيفا ان "مستوى الاندماج العسكري والدفاعي بين القوات الاميركية والبريطانية سيبقى اكبر بكثير" منه مع فرنسا.