الحكم بالسجن ثلاث سنوات لصحافيي قناة الجزيرة في مصر
حكمت محكمة جنايات القاهرة السبت بالسجن ثلاث سنوات لصحافيي قناة الجزيرة القطرية الثلاثة خلافا لما كان متوقعا في اعادة محاكمتهم وذلك رغم الدعوات الدولية لاغلاق الملف.
ودين الاسترالي الذي يحاكم غيابيا بيتر غريست (49 عاما) والكندي محمد فهمي (41 عاما)والمصري باهر محمد (31 عاما) اللذين اعيد سجنهما بعد صدور الحكم بنشر "اخبار كاذبة" دعما لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي الذي اقصاه الجيش عن السلطة في 2013.
وصدرت احكام مماثلة بالسجن ثلاث سنوات بحق 3 متهمين ادينوا بالعمل مع قناة الجزيرة. فيما برأ القاضي اثنين آخرين.
وصدر حكم اضافي بالسجن ستة اشهر على باهر محمد لحيازته طلقا ناريا في منزله اثناء القبض عليه.
من جهتها، دانت قناة الجزيرة القطرية الاحكام التي صدرت على الصحافيين الثلاثة الذين اوقفوا في كانون الاول/ديسمبر 2013، معتبرة انها "تعد جديد على حرية الصحافة".
وقال المدير العام لشبكة الجزيرة بالوكالة مصطفى سواق في بيان ان الحكم "ظالم وغير منطقي ولا يستند الى اي اسس قانونية" واضاف ان "القضية برمتها ذات طابع سياسي ولم تجر في ظروف طبيعية ونزيهة".
واكد سواق ان الجزيرة "لن تحيد عن سياستها التحريرية وسوف تستمر في العمل على انهاء محنة باهر وبيتر ومحمد".
واعلنت القناة القطرية انها تنوي الطعن في الحكم امام محكمة النقض التي يمكنها المصادقة عليه او الغاءه. وفي حال الالغاء عليها ان تعاود دراسة الملف بنفسها واصدار حكم جديد.
من جهتها، صرحت المحامية امل كلوني التي تتولى الدفاع عن فهمي لوكالة فرانس برس فور صدور الحكم ان "المخرج العادل الوحيد لهذه القضية كان تبرئة" الصحافيين، مشيرة الى "غياب الادلة".
وقالت لاحقا للصحافيين خارج قاعة المحكمة "انها سابقة خطرة في مصر ان يتم حبس صحافيين لمجرد نشر اخبار وان المحاكم يمكن ان تستخدم كادوات سياسية".
واشارت كلوني الى انها ستضغط للحصول على عفو رئاسي لترحيل فهمي خارج البلاد اسوة بالاسترالي بيتر غريست.
وكانت كلوني صرحت قبل الجلسة انها ستلتقي مسؤولين في الحكومة لطلب "عفو (رئاسي) او ترحيل" موكلها في حال صدور حكم عليه.
وقال القاضي حسن فريد قبيل النطق بالحكم انه تبين للمحكمة على وجه "القطع واليقين" ان المتهمين "غير صحافيين" وانهم "قاموا ببث مواد فيلمية تحتوي على اخبار كاذبة بعد عمل مونتاج لها على قناة الجزيرة القطرية للاضرار بالبلاد" من "مكان غير مخصص للاعلام" وهو فندق الماريوت المطل على النيل حيث اوقفتهم السلطات في نهاية العام 2013.
وكان اقارب المتهمين واصدقاؤهم يأملون في الحصول على البراءة لكن مشاعر الاحباط والحزن سيطرت عليهم في المحكمة التي انعقدت في احدى قاعات معهد للشرطة ملاصق لسجن طرة في جنوب القاهرة.
وانفجرت مروة عمارة زوجة فهمي بالبكاء فور صدور الحكم وقالت وهي تغالب دموعها "انا مصدومة بشدة. اعرف كم يحب محمد مصر". فيما طغى الوجوم والصمت على الحاضرين.
من جهته، قال عادل شقيق محمد فهمي بعد صدور الحكم لوكالة فرانس برس "انا مصدوم جدا (...) كنا نتوقع تبرئة ونجد انفسنا مرة جديدة عالقين في هذه القضية. هذا غير منطقي".
ووضع فهمي وباهر في قفص الاتهام مع بداية الجلسة التي لم تستغرق اكثر من 5 دقائق. واحتجزت الشرطة الاثنين فور صدور الحكم.
واثر صدور الحكم قال غريست عبر الجزيرة "لم نرتكب اي سوء، النيابة لم تقدم اي دليل (...) سنواصل النضال".
وكان فهمي صرح قبل الجلسة "انها قضية سياسية منذ البداية. اذا كان هناك عدل فيجب تبرئتنا لاننا صحافيون موضوعيون"، موضحا ان لجنة فنية كلفتها المحكمة تحليل تسجيلات الفيديو التي انجزوها استبعدت اي "تزوير".
وكتب غريست على حسابه على تويتر ان "انظار العالم متوجهة الى مصر اليوم. انها فرصة للقضاء المصري ليبرهن على عدالته".
وقال باهر للصحافيين قبل النطق بالحكم ان "الامر كله متعلق بحرية التعبير والصحافة المهنية".يذكر انه في حزيران/يونيو2014 ، صدرت احكام اولى بالسجن سبع سنوات لمحمد فهمي وبيتر غريست وعشر سنوات لباهر محمد.
وفي الاول من كانون الثاني/يناير الفائت، الغت محكمة النقض الحكم وقضت بمحاكمة الصحافيين مجددا بعد ان اعتبرت ان الحكم "يخلو من ادلة على الاتهامات التي دينوا بها (ولا يحترم) حق المتهمين في الدفاع".
وجرى ترحيل غريست في شباط/فبراير الماضي بموجب قانون يسمح بترحيل الاجانب الى بلدانهم لكنه يحاكم حاليا غيابيا في القضية، بينما اطلق سراح محمد فهمي وباهر محمد في اولى جلسات اعادة المحاكمة في 12 شباط/فبراير الماضي بعد اكثر من 400 يوم في السجن.
ودين الصحافيون الثلاثة ايضا بانهم عملوا بدون التصاريح اللازمة. وقد اوقف فهمي وغريست في غرفة فندق حولوها الى مكتب.
لكن فهمي الذي عمل من قبل لشبكة سي ان ان الاميركية، يؤكد انه لم يكن على علم بان الجزيرة لم تعد تملك التصاريح اللازمة وان ادارتها لم تبلغهم بذلك يوما.
وفهمي الذي يحمل الجنسية الكندية، تخلى عن هويته المصرية على امل ترحيله على غرار غريست دون جدوى.
واثارت الاحكام الاولى على الصحافيين انتقادات دولية واسعة خصوصا من قبل واشنطن والامم المتحدة.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان ان الاحكام الجديدة تشكل "اهانة للقضاء وتقرع ناقوس الموت لحرية التعبير في مصر".
واعتبر الاتحاد الاوروبي ان ما حصل "هو فشل لحرية التعبير في مصر". وقالت متحدثة باسم الاتحاد ان "وسائل اعلام حرة ومتنوعة ومستقلة هي امر ضروري في مجتمع ديموقراطي".
كما عبر الوزير البريطاني لشؤون الشرق الاوسط توبياس الوود عن "بالغ قلقه من الاحكام الموقعة اليوم على الصحافيين في مصر. هذه الاحكام ستقوض الثقة في مضي مصر قدما نحو استقرار قوي وطويل الامد مبني على تنفيذ الحقوق الممنوحة للمصريين بموجب الدستور"
وطالبت السلطات الكندية نظيرتها المصرية بالافراج عن فهمي وعودته "الفورية" لبلاده معبرة عن احباطها من ادانته في القضية.
واعربت الولايات المتحدة عن "خيبتها العميقة وقلقها" لادانة القضاء المصري لثلاثة صحافيين في قناة الجزيرة القطرية.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الاميركية في بيان "نحث حكومة مصر على اتخاذ الاجراءات الممكنة لتصحيح الحكم الذي يلغم حرية التعبير الضروية للاستقرار والتنمية".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صرح العام الماضي "كنت أتمنى ترحيل هؤلاء (الصحافيين) فور القبض عليهم بدلا من محاكمتهم".
وجرت محاكمة هؤلاء الصحافيين بينما كانت العلاقات متوترة بين القاهرة والدوحة التي ساندت مرسي. وتقول قناة الجزيرة باستمرار ان محاكمة الصحافيين الثلاثة "سياسية".
وكان نظام الرئيس السيسي يلوم قطر وشبكة الجزيرة القطرية لدعمهما لجماعة الاخوان المسلمين بعد اطاحة مرسي وما تبعها من قمع دام للاسلاميين في مصر اسفر عن سقوط اكثر من 1400 قتيل.
وتقول لجنة حماية الصحافيين، ومقرها نيويورك، ان "18 صحافيا على الاقل يقبعون في السجون المصرية"، خصوصا بتهمة الانتماء للاخوان المسلمين.
وفي 17 آب/اغسطس، تبنت مصر قانونا جديدا للارهاب يعاقب بغرامات باهظة وسائل الاعلام التي تنشر اخبارا "كاذبة" بخصوص الهجمات المسلحة للجهاديين بما يناقض البيانات الحكومية، وهو ما يرى مراقبون انه يساعد على تكميم الاعلام.