التحقيق في سقوط الموصل يحمل قيادات عراقية مسؤولية الاخفاق وسوء الادارة
حملت لجنة تحقيق برلمانية عراقية في سقوط الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى بشمال العراق، بيد تنظيم الدولة الاسلامية العام الماضي، قيادات كبيرة مسؤولية التغاضي عن معطيات قرب سقوطها والاخفاق في ادارة معركتها، بحسب تقرير للجنة حصلت فرانس برس على نسخة منه.
وسيطر التنظيم على كبرى مدن الشمال في 10 حزيران/يونيو 2014 ضمن هجوم اتاح له الاستيلاء على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها.
واشار تقرير لجنة التحقيق التي تضم 26 نائبا وشكلت مطلع السنة الجارية، الى ان مديرية استخبارات نينوى رفعت تقارير مفصلة عن نية التنظيم المعروف باسم "داعش" شن الهجوم ومحاوره ومعسكرات تدريبه.
وقال ان "سيطرة عصابات داعش الارهابية على محافظة نينوى كان حدثا فاجأ العالم في توقيته، الا ان المطلعين على الاوضاع الامنية للمحافظة كانوا يدركون تماما ان هذا الامر كان سيحدث حتما".
اضاف "كل المعطيات كانت تشير الى ذلك بوضوح"، لا سيما وان سيطرة القوات الامنية "انحسرت (...) عن اجزاء واسعة من المحافظة قبيل سقوطها نتيجة تدهور الوضع الامني فيها بشكل مطرد ولافت"، مع تزايد الهجمات "الارهابية" التي باتت اكثر تنسيقا ودقة.
واعتبر تقرير اللجنة التي استمعت لاكثر من مئة شخص، ان القيادة العامة للقوات المسلحة "لم تنتبه الى تلك الظروف المعقدة والتحديات الجسيمة التي كانت تعيشها المنظومة الامنية في محافظة نينوى".
وانتقد "الاداء السيىء" في ادارة المعركة، الذي أجهز "على الامل الاخير لصمود المدينة"، مؤكدا ان القيادات الامنية "اقترفت عددا من الاخطاء الجسيمة التي سرعت من حدوث الانهيار الامني الذي انتهى بسيطرة عصابات داعش على المحافظة".
ورفعت اللجنة تقريرها الى رئيس مجلس النواب الاحد. وصوت البرلمان في اليوم التالي على احالته وملف التحقيق بالكامل على القضاء.
وبحسب التقرير، رفعت مديرية الاستخبارات في نينوى منذ ايار/مايو 2014 تقارير عن نية التنظيم شن هجوم مطلع حزيران/يونيو. وكان آخر هذه التقارير في الخامس من الشهر نفسه.
وسبق الهجوم بايام اعتقال من وصف بانه ابرز المسؤولين العسكريين للتنظيم في نينوى، والذي اعترف بخطة الهجوم ومحاور التقدم. وبحسب التقرير، بدأ الهجوم دون تعديل على الخطة.
ودارت احدى اولى المواجهات في حي 17 تموز في غرب المدينة، حينما ابلغ شرطي في برج مراقبة الضابط المسؤول بتقدم رتل على رأسه عربتان مدرعتان من طراز "هامفي" وشاحنات صغيرة مزودة برشاشات ثقيلة. وبعد تردد من الضابط الذي اعتقد ان الرتل تابع للقوات الامنية، تبين ان ملابس من فيه مدنية، ما دفعه للطلب من الشرطي البدء باطلاق النار.
وحمل التقرير المالكي وآخرين مسؤولية الانهيار الامني، مشيرا الى فساد مستشر وسوء كفاءة في القيادة العسكرية. وقال ان المالكي "لم يمتلك تصورا دقيقا عن خطورة الوضع الامني في نينوى لانه كان يعتمد في تقييمه على التقارير المضللة التي تصله من قبل القيادات العسكرية والامنية"، وانه "لم يتخذ قرارا حاسما بعد انهيار القطعات العسكرية".
ويأخذ التقرير على المالكي الذي ترأس الحكومة بين 2006 و2014، "اختيار قادة وآمرين غير اكفاء مورست في ظل قيادتهم كافة انواع الفساد" وابرزها تسرب العناصر من وحداتهم في ما عرف بظاهرة "الفضائيين"،وعدم محاسبة العناصر الفاسدين "من قبل القادة والآمرين، والتي لها الدور الاكبر في اتساع الفجوة بين الاهالي والاجهزة الامنية".
كما يحمله التقرير مسؤولية "عدم الالتزام ببناء قدرات الجيش" وتوسعته عبر تشكيل قطعات اضافية "من دون الاهتمام بالتدريب الاساسي والتسليح النوعي"، وزيادة العديد "على حساب الكفاءة والتدريب والنوعية".
واورد التقرير ان معظم الوحدات العسكرية كانت تعمل بنحو نصف قدرتها.
واعتبر المالكي الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الجمهورية في تصريحات الثلاثاء، ان "لا قيمة" للتقرير.
وارسل المالكي في السابع من حزيران/يونيو 2014 قائد العمليات المشتركة الفريق الاول الركن عبود قنبر وقائد القوات البرية الفريق الاول الركن علي غيدان، الى الموصل لمحاولة الحد من الانهيار، دون جدوى.
وحمل التقرير قنبر مسؤولية "سوء تقدير الموقف لدى وصوله الى المدينة (...) والارباك الكبير الذي ألمّ بقيادة المعركة"، و"الاختيار الخاطىء" بالانسحاب من مقر العمليات في غرب المدينة الى شرقها، عشية سقوطها، بموكب مؤلف من 30 عجلة مدرعة، ما "اضر كثيرا بمعنويات المقاتلين" لا سيما بعدما استثمر التنظيم هذا الانسحاب "لاشاعة خبر هروب القادة".
الى ذلك، حمل التقرير غيدان مسؤولية "عدم الاهتمام بالقدرة القتالية للقطعات المتواجدة في الموصل وعدم تعويضها بالمقاتلين والمعدات" بعد الهجمات التي كانت تتعرض لها قبل حزيران/يونيو. كما انه قام بسحب قطعات عسكرية من نينوى الى محافظات اخرى "دون تقدير للموقف".
وحمل التقرير غيدان مسؤولية عدم مراقبة اداء الآمرين، وانقطاع طريق الموصل بغداد "الذي سيطرت عليه المجاميع الارهابية بشكل كبير قبل سقوط الموصل"، ما ادى الى نقل العناصر الامنية والامداد بالجو.
ونقل التقرير شهادة قائد الفرقة الثانية في الجيش العميد فاضل جواد علي، الذين وصل الى الموصل قبل يومين من سقوطها، لاستبدال العميد عبد المحسن فلحي الذي اوقف ونقل مخفورا الى بغداد لمخالفته الاوامر.
وقال علي انه جال في المدينة في التاسع من حزيران/يونيو ولم يجد فيها نقاط التفتيش المعتادة، كما كانت "العجلات متروكة ولا يوجد فيها جنود"، مشيرا الى ان تعداد احد افواج فرقته كان 71 جنديا فقط من اصل 500.
ولدى سؤاله عن مكان احد خطوط الدفاع في المدينة، ارشده ضباط آخرون الى شارع تتواجد فيه عربتان مدرعتان محترقتان، وقالوا له "هذا هو خط الصد". اضاف علي "كانت الجثث لا تزال ملقاة في الشارع".
وتمكن التنظيم بعد سيطرته على الموصل من الاستحواذ على كامل محافظة نينوى، وافاد من الانهيار الامني للتمدد جنوبا وغربا.
واشار التقرير الى ان قنبر امر قائد عمليات نينوى الفريق مهدي الغراوي، صباح 9 حزيران/يونيو، باعداد خطة لاستعادة ما فقد من المدينة.
اضاف "تم وضع الخطة، الا انها لم تنفذ لانتهاء العمليات بسقوط الموصل" فجر اليوم المقرر.