اجتماع منطقة اليورو يواجه تعقيدات وسط غياب الثقة باليونان
يواصل وزراء مالية منطقة اليورو اجتماعاتهم مساء السبت في بروكسل وسط تشكيك اوروبي في قدرة اليونان على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة منها للحصول على خطة انقاذ اخرى.
ووسط القلق والجدال الدائر بدت المانيا الاكثر تشددا اذ كشفت مصادر عن ان برلين وضعت خططا لخروج مؤقت لاثينا لخمس سنوات من منطقة اليورو في حال لم تنجح في تحسين اقتراحاتها التي تعتبرها برلين غير كافية.
وقال مصدر اوروبي لوكالة فرانس برس ان "جولة الافق الاولى انتهت. سنعمل على صياغة ما نريد ان نسمعه من اليونانيين".
وبعد ساعتين من المباحثات لوزراء مالية منطقة اليور، اكد مصدر مطلع آخر انها كانت متعبة "ويعيقها غياب الثقة" باليونان. واضاف مصدر آخر "نتحدث عن اعادة بناء الثقة"، مشيرا الى ان "الاجواء ليست سهلة بالنسبة لليونانيين".
وكان من المفترض ان يحرز وزراء مالية منطقة اليورو تقدما خلال مباحثاتهم حول خطة مساعدة ثالثة لليونان قبل قمة استثنائية لقادة الاتحاد الاوروبي مساء الاحد، والهادفة في احسن الاحوال بالدفع قدما نحو الخروج من الازمة.
وفي حال عدم التوصل الى اتفاق، قد تقترب اليونان من احتمال الخروج من منطقة اليورو، الامر الذي يخشاه بعض القادة الاوربيين.
اما المانيا فتتخذ نهجا متشددا، وكان وزير ماليتها فولفغانغ شويبله على رأس المشككين في اقتراحات حكومة الكسيس تسيبراس والهادفة للحصول على خطة مساعدة ثالثة بقيمة تتخطى 80 مليار يورو (89 مليار دولار).
وقال مصدر اوروبي لوكالة فرانس برس السبت ان المانيا وضعت خططا لخروج مؤقت لليونان من منطقة اليورو لخمسة اعوام في حال فشلت اثينا في تحسين اقتراحاتها للحصول على خطة المساعدة.
وقال المصدر، الذي اطلع على الاقتراح الالماني، "انها وثيقة داخلية، لم توزع اليوم (في اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو)، وهناك خياران: تحسين الاقتراحات او خروج مؤقت من منطقة اليورو".
وتؤكد هذه التصريحات ما كانت نقلته صحيفة فرانفوكرتر الغماين سونتاغ تسايتونغ. ونقلت الصحيفة ان المانيا تقدمت بالوثيقة الى الدول الاعضاء لان الاقتراحات المقدمة من اليونان ليست كافية بنظرها.
ووفق مصادر عدة مطلعة على المحادثات فانه لم يتم التباحث في الوثيقة الالمانية السبت خلال الاجتماع.
وتوالت التصريحات المشككة في قدرات اليونان والداعية لاعادة بناء الثقة مع اثينا بعد ستة اشهر من المفاوضات الصعبة والتي دفعت اثينا الى تنظيم استفتاء رفض خلاله اليونانيون مقترحات الجهات الدائنة التي تنص على مزيد من اجراءات التقشف.
وتوقع شويبله لدى وصوله الى بروكسل ان تكون المفاوضات "بالغة الصعوبة". واضاف "لا يمكننا ان نثق بوعود"، موضحا انه "في نهاية العام (الفائت) كان لدينا امل" بنهوض في اليونان "ولكن في الاشهر الاخيرة، بات هذا الامل معدوما في شكل لا يصدق".
وبدوره قال رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم ان اجتماع وزراء مال منطقة اليورو سيكون "صعبا جدا" لان الاصلاحات التي قدمتها الحكومة اليونانية "لا تكفي" للتمهيد لاتفاق حول استئناف المساعدة الدولية لاثينا.
وصرح ديسلبلوم لدى وصوله الى بروكسل ان "المشكلة الرئيسية هي الثقة" بين اليونان وشركائها الاوروبيين. وتساءل "هل بامكاننا ان نثق بان تنفذ الحكومة اليونانية ما وعدت به خلال الاسابيع او الاشهر او السنوات المقبلة؟".
وقال وزير المالية الهولندي اريك ويبس السبت ان "لدى حكومات عدة، بينها حكومتي، شكوكا جدية في التزام الحكومة اليونانية وقدرتها على تنفيذ (الاصلاحات)".
اما نظيره السلوفاكي بيتر كازيمير فقال ان "الاصلاحات كانت تعتبر جيدة في اطار خطة المساعدة الثانية، ولكن اخشى انها لا تكفي برنامج المساعدة الثالث".
الا ان فرنسا ودولا اوروبية اخرى بدت اكثر تفاؤلا اذ اشارت الى وجود قاعدة اساسية للانطلاق منها في المفاوضات حول الاقتراحات الجديدة.
و اعرب وزير المالية الفرنسي ميشال سابين، الذي طالما دعم اليونان في المفاوضات لتفادي خروجها من منطقة اليورو، عن امله ان "تذهب المفاوضات الى ابعد ما هو ممكن للتوصل الى اتفاق".
كذلك قال وزير المالية الايرلندي ميشال نونان "اعتقد ان الثقة ستبنى" في حال شرّع اليونانيون الاسبوع المقبل على ابعد تقدير بعض الاصلاحات، وخصوصا بعد حصول الخطة على غالبية الاصوات في البرلمان اليوناني.
من جهته قال المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي "يجب ان يكون هناك اصلاحات تُنفذ سريعا، هذا هو مفتاح الحل (...) من اجل اطلاق البرنامج ومعالجة مسألة الدين".
كذلك ابدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد اكثر ايجابية معربة عن املها في احراز "كثير من التقدم".
وفي حال الموافقة على المقترحات، ستحصل اليونان على مبلغ يراوح بين 74 مليارا و82 مليار يورو من الجهات الدائنة في الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، بينها 16 مليار يورو من صندوق النقد في اطار برنامج مساعدة قديم ينتهي مفعوله في اذار/مارس المقبل، وفق مصادر مطلعة على المفاوضات.
وقد تبحث مجموعة اليورو ايضا حلا انتقاليا ينص على الافساح امام اليونان لسداد ما يتوجب عليها للبنك المركزي الاوروبي بحلول 20 تموز/يوليو. وفي اطار الخطة الانتقالية تحصل اثينا على 3,3 مليارات يورو كانت موعودة بها في السابق الا انها حجزت لدى المصارف المركزية في منطقة اليورو.
لكن هذه المساعدة لا يمكن ان تحصل سوى مقابل اصلاحات شديدة رفضها اصلا اليونانيون خلال الاستفتاء الاسبوع الماضي.
وكان البرلمان اليوناني اعطى الجمعة ضوءه الاخضر لحكومة تسيبراس للتفاوض بشأن خطة مساعدة جديدة على اساس اقتراحات تلحظ اصلاحا لنظام التقاعد وزيادة للضرائب.
ووافق النواب اليونانيون بغالبية 251 صوتا (من اصل 300) على هذه المقترحات التي تستعيد في خطوطها العريضة ما كان يرغب به الدائنون، ما يحيي الامل مجددا بامكان التوصل الى اتفاق يسمح للبلاد بالبقاء في منطقة اليورو.
واثارت تنازلات الحكومة اعتراضات في صفوف اليسار الراديكالي، فامتنع ثمانية نواب عن التصويت، وصوت نائبان ضد المقترحات فيما تغيب سبعة عن جلسة التصويت بينهم وزير المالية السابق يانيس فاروفاكيس.
اما اليونانيون، الذين صوتوا بـ"لا" رفضا لاجراءات تقشف اضافية، فيخشون على مستقبلهم بعد نحو اسبوعين على فرض رقابة على حركة الرساميل اغلقت بسببها المصارف.