"سلطنة عُمان تحرص على تطوير سياحة مستدامة"
شددت وزيرة السياحة العُمانية التي تستضيف أعياد جنيف بلدها كضيف شرف، أمام ملتقى لرجال الأعمال في جنيف، على ضرورة تطوير القطاع السياحي "ولكن بشكل مستدام يحافظ على الموارد ولا يمس التراث الثقافي"، على حد قولها.
أما الجانب السويسري الذي ينتظر استكمال توفير الإطار القانوني لمنع الإزدواج الضريبي، فيرى أن هناك قطاعات يمكن للبلدين أن يطورا فيها علاقات جيدة مثل صناعة العطور أو تأهيل المعالم الأثرية بالإضافة الى القطاع السياحي.
فبعد انطلاق فعاليات مشاركة سلطنة عُمان في أعياد جنيف لعام 2009 كضيف شرف، بأداء فني للفرقة السيمفونية السلطانية في حديقة لآغرانج بقلب المدينة يوم 30 يوليو، شهد فندق الأنتركونتيننتال تنظيم ملتقى لرجال الأعمال من الطرفين العماني والسويسري للتعريف بالإمكانيات التجارية المتاحة مع السلطنة، والسياسة المالية المتبعة فيها، وفرص الاستثمار الممكنة.
وفي تصريح لـ swissinfo.ch، اعتبرت وزيرة السياحة بالسلطنة الدكتورة راجحة بنت عبد الأمير بن علي أن الهدف من مشاركة السلطنة في أعياد جنيف للمرة الثانية يتمثل في "السماح بالوصول الى السياح السويسريين والأوروبيين والعرب المترددين على هذه الأعياد بكثرة، لتعريفهم ببعض ما تتمتع به السلطنة من مقومات سياحية سواء كانت طبيعية أو تاريخة أو ثقافية. وبالتالي هي فرصة بالنسبة لنا لترويج السلطنة في هذا المحفل".
أما السيد سالم بن عبدي المعمري، مدير عام الترويج السياحي بالسلطنة، فيرى أن "مشاركة السلطنة سواء بالفرقة السيمفونية السلطانية أو القرية العُمانية أو الفرق الفولكلورية أو عروض الأزياء في هذا المهرجان الدولي الكبير، قد يسمح بإعطاء صورة كاملة عن إمكانيات السلطنة السياحية، وعن تاريخ هذا البلد وحضارته، وعن شعب هذا البلد والإبتسامة التي يتميز بها الإنسان العُماني وعن السلام والأمن والإستقرار الذي تعرفه السلطنة".
أما وزير الاقتصاد والصحة في حكومة كانتون جنيف السيد بيار فرانسوا إينجر فيرى في هذه المشاركة العُمانية في أعياد جنيف "شرفا كبيرا أولا، وثانيا إمكانية لتعرف أهل جنيف على بلد خليجي قد يكون غير معروف بما فيه الكفاية مثل دبي أو أبو ظبي ولكنه بلد، أهله من أكثر الناس ثقافة في المنطقة، ومناظره الطبيعية من أحلى المناظر".
ويضيف السيد يوسف فرطاس، القنصل العام الشرفي السويسري في مسقط من جهته، الذي حضر خصيصا إلى جنيف بهذه المناسبة أن "كون عمان تشارك في أعياد جنيف بالفرقة السيمفونية السلطانية التي لا تنتقل إلا بأمر من السّلطان، لهو دليل على الأهمية التي يوليها لمشاركة السلطنة في أعياد جنيف، وللمكانة التي تحظى بها سويسرا وجنيف ببعدها الدولي لديه".
سياحة "النوع" وليس "الكم"
في كلمة وزيرة السياحة العمانية أمام ملتقى رجال الأعمال الذي نظمته الغرفة التجارية العربية السويسرية بالاشتراك مع الغرفة العُمانية للتجارة والصناعة، أوضحت الدكتورة راجحة بنت عبد النبي بن علي حرص السلطنة على الحفاظ على "سياحة مستدامة".
وقالت في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: "هذه أعتقد أهم نقطة نعتني بها سواء في وزارة السياحة أو في الحكومة ككل. لا نريد سياحة تجذب لنا أعدادا كبيرة من السياح، وبعد فترة نرى أن بيئتنا تأثرت أو ثقافتنا تأثرت. نحن نريد سياحة مستدامة. وكلمة مُستدامة (تعني) أننا نريد المحافظة على بيئتنا وعلى تراثنا وعلى ثقافتنا وعلى عاداتنا وتقاليدنا، وفي نفس الوقت ننمي قطاع السياحة".
وأضافت الوزيرة العُمانية: "ربما يكون هناك صعوبة بعض الشيء في ذلك ولكن هذا الشيء ممكن بالتخطيط السليم. وهذا ما يصر عليه مولانا صاحب الجلالة في جميع المناسبات، وفي أي تطوير سواء كان سياحيا أو صناعيا أو اقتصاديا"، .
السويسريون.. "سواح من فئة راقية"
من جهته، يصنف مدير عام الترويج السياحي بسلطنة عُمان السياح السويسريين ضمن فئة السياحة الراقية. إذ أوضح بأنه "عندما بدأنا بالترويج للسياحة في السلطنة في الخارج وخاصة في أوروبا، كانت سويسرا ضمن الدول الأوائل التي تم التركيز عليها. واستطعنا خلال العام الماضي أن نستقطب ما يزيد عن عشرة آلاف سائح سويسري. وهذا عدد جيد لأن نوعية السائح السويسري من النوعية العليا أو ما يسمى السياحة الراقية أو السياحة المنتقاة".
ويرى مدير عام الترويج السياحي أن هناك خطوات تتم لتعزيز هذا التوافد السويسري على السلطنة من بينها "إقدام الطيران العماني على فتح خطوط مباشرة من باريس وفرانكفورت، وهناك أمل في أن يتم فتح خط مباشر من جنيف في المستقبل".
ويضيف السيد المعمري "نحن لا يهمنا عدد السياح وإنما نوعية السائح الذي يأتي إلى البلد، لأننا دائما نقدم سياحة راقية، ونأمل عندما يعود السائح إلى وطنه أن يأخذ معه ذكريات جميلة عن حضارة هذا البلد وثقافته... لأن السياحة ليست فقط الترويح عن النفس وإنما هي ايضا ثقافة وإلتقاء بالبشر وتعرف على حضارتهم. وهذا ما تقدمه السياحة العُمانية".
أما عن فرص الاستثمار السويسري في القطاع السياحي والتي تكاد تكون منعدمة في الوقت الحالي فيأمل السيد المعمري في أن يسمح الملتقى الاقتصادي الذي نظمته الغرفة التجارية العربية السويسرية بالتعريف بالإمكانيات المتاحة بين البلدين في هذا الإطار.
آفاق استثمارية تنتظر منع الإزدواج الضريبي
السيد يوسف فرطاس، القنصل العام الفخري السويسري في عُمان اعتبر من ناحيته أن "زيارة وزيرة الاقتصاد لسلطنة عُمان قبل عامين سمحت بتمهيد الطريق أمام تحضير الإطار الملائم للإستثمار بتوقيع اتفاقية في مجال النقل الجوي"، وأشار إلى وجود "مفاوضات لتحضير اتفاق منع الازدواج الضريبي بين البلدين وهو الملف الذي في طور المناقشة والذي كان من المفروض أن يكون محط مناقشات وزير الاقتصاد العُماني السيد أحمد مكي مع نظيرته السويسرية دوريس لويتهارد في 31 يوليو في برن. ولكنه أُجّل بسبب انشغالات طارئة".
مع ذلك، يحث القنصل الفخري الشركات السويسرية على الإستثمار في هذا البلد الذي "على خلاف دول مجاورة يجتاز مرحلة الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية بثبات.. كما أن ميزانيته ليست مثقلة بالديون الناتجة عن إنفاق في مشاريع عملاقة، وهو ما يجعله يواصل انتعاشه الإقتصادي بالمنطقة".
أما وزير الاقتصاد في حكومة كانتون جنيف الذي كان ضمن الوفد الذي زار سلطنة عُمان رفقة وزيرة الإقتصاد السويسرية فيرى أنه بدل التركيز فقط على قطاع السياحة هناك قطاعات يعرف فيها البلدان نشاطات تقليدية مثل قطاع تحضير العطور. إذ يقول "عُمان لها تقاليد عريقة في مجال تحضير العطور، ويمكن أن تجد شراكة مع كبريات شركات إنتاج العطور في مدينة جنيف التي تستحوذ على حوالي 40% من الإنتاج العالمي".
كما أوضح السيد بيار فرانسوا إنيجر أيضا بأن "هناك مجموعات فنادق من مدينة جنيف أبدت اهتماما بإقامة مركبات سياحية في عُمان". ومن القطاعات التي يمكن لسويسرا أن تلعب فيها دورا حيويا، المجال العقاري وبالأخص البناء المراعي للبيئة حيث يشير السيد إينجر إلى أن سويسرا "اكتسبت خبرة وتجربة في مجال البناء المحافظ على البيئة والمدخر للطاقة، وقد قدمنا تجارب هامة في ابو ظبي لذلك نعتقد بأن عُمان التي تركز على التنمية المستدامة يمكنها أن تستفيد من هذه الخبرة السويسرية".
محمد شريف - swissinfo.ch - جنيف
الخبرة السويسرية في خدمة الآثار العُمانية
من المعالم التي تتميز بها سلطنة عمان والتي قد تلعب دورا حيويا في تعزيز السياحة الثقافية، المعالم الأثرية. عن هذه المعالم يقول مدير عام ترويج السياحة بعمان السيد سالم بن عدي المعمري: "السلطنة بلد عريق وبلد حضارة. هناك أكثر من 500 قلعة وحصن، بعضها يزيد عمره عن 3000 سنة ومسجل ضمن التراث الإنساني العالمي. وهناك وزارة معنية: وزارة التراث والثقافة معنية بترميم هذه الأماكن، ووزارة السياحة تقوم أيضا بتفعيل هذه القلع والحصون التي رممت واستخدامها وتحويلها الى مزارات ومنشآت ومتاحف سياحية".
ولإعطاء صورة عن حياة الإنسان العُماني في الماضي يقول السيد المعمري "لدينا نية في إعادة إعمار القرى القديمة التي يزيد عمرها عن 3000 سنة وتحويلها الى مزارات سياحية، بحيث تبنى بنفس الطريقة المعمارية التي كانت متبعة في الماضي، وعلى أساس أن تُدار بطريقة حديثة وتقدم خدمات راقية للسائح".
وهذا القطاع بالذات من القطاعات التي تستهوي الخبراء السويسريين، حيث أوضح القنصل العام الفخري لسويسرا السيد فيصل فرطاس لـ swissinfo.ch أن "وزيرة الاقتصاد لما زارت عُمان تحدثنا لها عن إمكانية تطوير تعاون بين السلطنة وجامعة بازل في مجال علم الآثار. وقد أنجزت جامعة بازل دراسة عن المناطق الأثرية التي يجب حمايتها والتي تعتبر من أغنى المناطق الأثرية التي يمكن أن تثري السياحة الثقافية أو السياحة الأثرية في بلد يُعد من أعرق الحضارات في المنطقة الى جانب إيران".
فريق علوم الآثار لجامعة بازل لم يكتف بجرد المعالم الأثرية في السلطنة بل قدّم أيضا في تقريره توصيات عن كيفية حمايتها. ويؤكد القنصل العام الفخري السويسري أن "المرحلتين الأوليتين من المشروع أي جرد المعالم الأثرية وتقييم أهميتها التاريخية قد أنجزتا"، ويضيف بأن "التقرير اليوم بين يدي وزارة الثقافة والسلطات العُمانية التي ستتولى إدماج هذه المعالم الأثرية في إطار تنمية وتطوير المناطق التي توجد بها".
وعن إمكانية الاستعانة بالخبرات السويسرية في مجال علم الآثار، يرى القنصل العام الفخري السويسري أن "الكرة الآن بين أيدي السلطات العُمانية، التي لديها رغبة في مواصلة هذا التعاون مع سويسرا وبالأخص في مجال تكوين المنقبين عن الآثار".
على صعيد آخر، تتواصل المناقشات بخصوص تعاون مُرتقب في مجال البحث العلمي بين سويسرا وعُمان، لكن هذا المشروع لا زال في بداياته.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.