Navigation

في الدورة 74 لمهرجان لوكارنو: الرّجال يخطفون الأضواء.. لكن المستقبل للنساء!

"لفت فيلم إيمي المقدسة"، وهو باكورة أعمال المخرجة اليونانية أراسيلي ليموس، الأنظار إليه في الدورة الرابعة والسبعين للمهرجان الدولي للأفلام بلوكارنو التي اختتمت فعالياتها يوم 14 أغسطس 2021 . Locarno Film Festival
هذا المحتوى تم نشره يوم 16 أغسطس 2021 يوليو,
كايتلين كوينلان، أكاديمية لوكارنو للنقاد

في عام 2018، تعهّد القائمون على المهرجان الدولي للأفلام بلوكارنو بضمان تكافؤ الفرص بين الجنسيْن على مستوى العروض السينمائية، وذلك عبر تشجيع المزيد من الأعمال التي تكون من إنتاج وإخراج نساء. إلا أن برنامج المهرجان للعام الجاري أظهر بوضوح عدم التزام منظميه بتحقيق هذا الهدف.

في المقابل، برزت مسابقة "سينمائيو الزمن الحاضر"   Cineasti del presente" كاستثناءٍ للقاعدة مرحّباً به. فقد كانت المسابقة الوحيدة في دورة هذا العام التي ضمت أغلبية مختارة من المُخرجات: 53.3% مقارنة بـ 23.5% فقط في مسابقة "الفهد الذهبي" الدّولية لأفضل فيلم.

في الواقع، تُعدّ مسابقة "سينمائيو الزمن الحاضر" جزءاً مهماً من فعاليات مهرجان لوكارنو، وهي مسابقة مخصصة لفئتيْ الأفلام الروائية الأولى والثانية، وتعلن عن نفسها "كمساحة مكرّسة لاكتشاف سينما الغد". وفي دورة هذا العام، تم اختيار خمسة عشر فيلماً من الأرجنتين إلى جورجيا ومن البوسنة إلى تونس للمشاركة في المسابقة. وتشكل هذه الأفلام مجموعة مُذهلة من الأعمال السينمائية قد يكون من شأنها إحداث تأثير مُستدام على برمجة المهرجانات وعلى صناعة السينما على نطاق أوسع.  

 ثلاث نساء

من خلال المسابقة، برزت ثلاثة أعمال سينمائية جديدة من إخراج نساء كأعمال واثقة ومثيرة للذكريات.

من تشيلي، كان فيلم "أحلام يقظة إخوتي" (My Brothers Dream Awake) للمخرجة كلوديا هوايكيميلا والذي شكل أحد أبرز المنافسات، وهو دراما ساخنة ومؤثرة تدور أحداثها حول مركز لاحتجاز القاصرين حيث من الصعب العثور على أمل بمستقبل أفضل. تم سجن الأخوين أنجيل وفرانكو، المعروفين باسم الأخوين فليا، لمدة عام، في انتظار المحاكمة بسبب جريمة حرص الفيلم على عدم الإفصاح عنها بشكل صريح.

ولم يكن هدف الفيلم تسليط الضوء على ما قد يرتكبه أي من هؤلاء الشبان، بل دارت أحداثه حول المنظومة السائدة التي تقوم بالإيقاع بهم. وبفضل هذا التناغم اللطيف ووجود تناسق وانسجام بين الممثلين، بدا فيلم المخرجة هوايكيميلا وكأنه يد ممدودة تمسح آلامهم وتقدّم رؤية لحياتهم لا يقيّدها أو يحدّدها تاريخهم. فليس هناك أصعب من أن يُحرم المرء بقسوة من القدرة على تصوّر رؤية مستقبلية للنمو وللحرية، لأن الأمر حينذاك يصبح أكثر كارثية.

مشهد من فيلم "أحلام يقظة إخوتي". مهرجان لوكارنو السينمائي. Locarno Film Festival

 ومن ألمانيا، قامت صابرينا سارابي بإخراج فيلم ثانٍ بعنوان "لا أحد عند العجول"، وهو مُقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للمؤلفة الألمانية ألينا هيربينغ. ويذكّرنا هذا العمل من نواح كثيرة بأعمال الممثلة والمخرجة الإنجليزية أندريا أرنولدرابط خارجي، حيث يتتبع فيلم المخرجة سارابي حياة المراهقة الريفية كريستين التي تعيش في مزرعة عائلة صديقها خارج مدينة هامبورغ.

شيئا فشيئا، يتسلل شعورها بالملل والاحساس بالذات إلى الفيلم ليُسفر عن بلورة صورة ناجعة وصامتة وبطيئة للشوق وخيبة الأمل. كما تضيف حرارة الريف الكثيفة والهواء الضبابي ثقلاً على أجواء الفيلم مما يساعد على خلق شراكة بين السردية والجمالية. وخلال الفيلم، تتنقل الممثلة الرئيسية ساسكيا روزندال بنظرة تَحدّ، متقبلة وهي غير عابئة بكل ما يفرضه الآخرون على شخصية "كريستين" من الصدمات النفسية والشعور بالملل إلى أن تصبح إمكانية التغيير واضحة المعالم.

الوفد المنتدب لتقديم فيلم "لا أحد عند العجول" في لوكارنو. من اليسار المخرجة سابرينا سارابي، تليها الممثلة الرئيسية، ساسكيا روزندال. © Locarno Film Festival / Ti-press / Samuel Golay

الارتقاء إلى ذروة الفن

 أما العرض الأكثر جرأة للإخراج الفني والمسرحي فلعله ذلك الذي قدمته المخرجة اليونانية أراسيلي ليموس في فيلمها الطويل الأول "إيمي المقدسة "، حيث يتخذ تحرير فتاة مساراً غير واقعي.  

كاتلين كوينلان ناقدة سينمائية مستقلة من لندن نشرت أعمالها في مجلة "المشهد والصوت" Sight & Sound ومجلة "أكاذيب صغيرة" Little White Lies وصحيفة "فاينانشال تايمز" Financial Times . كما تشارك في تنظيم " مهرجان اختبار بيشدل" Bechdel Test Fest ، وهي عروض سينمائية جماعية تقدم أفلاماً تهدف إلى تعزيز التمثيل الإيجابي للمرأة. وكوينلان هي أيضاً عضو في دائرة نقاد لندن. SWI swissinfo.ch/Carlo Pisani

تدور أحداث الفيلم في المجتمع الفلبيني الكاثوليكي في أثينا، حيث ترفض إيمي المتمردة والمنبوذة أن تتعمّد بينما تحاول أختها الكبرى تيريزا أن تتماشى مع العادات والتقاليد، ولكنها رغم ذلك تجد نفسها حاملاً. ويؤدي سلوك إيمي الغامض والخارق للطبيعة إلى حدوث شرخ وانقسام بين الشقيقتين.

تُظهر ليموس ثقة حقيقية في نشر لحظات بصرية مذهلة تتخلل رواية ثابتة وقمعية في كثير من الأحيان؛ هذه المشاهد العميقة، وحتى الشنيعة منها، ترتقي بمستوى الدراما إلى ذروة الفن.

عموما، تُظهر الأفلام الثلاثة حسّاً قوياً ينمّ عن الاهتمام والرعاية بالأبطال الشبان والأفراد الذين يكافحون ضد الأنظمة الحاكمة أو يعجزون عن توقع مستقبلهم أو يُعانون من عدم توفر الفرص. وتعتبر إثارة حساسية الجمهور لمواضيع الأفلام أمراً بالغ الأهمية، حتى عندما يكون عالم رواية القصص مليئاً بالمشاهد القاسية، أو يظهر صانعو الأفلام هؤلاء التزاماً بالتطلع إلى مستقبل أكثر سلاسة وحيوية.

وفيما يتعلق بالمهرجان نفسه، فقد أتاحت هذه المسابقة الفرصة لعرض أفلام المواهب في مهرجان لوكارنو ووفرت مساحة لمجموعة واسعة ومتنوعة من الأعمال، وهو أمر قد يكون من المهم أن تقتدي به المسابقات الدولية الأخرى.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

تم إيقاف التعليقات بموجب هذه المقالة. يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

غيُر كلمة السر

هل تريد حقاً حذف ملف المستخدم الشخصي الخاص بك؟

لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو

مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع

اشترك في نشرتنا الإخبارية المجانية للحصول بانتظام على أهم منشوراتنا حول مواضيع متنوعة مباشرة في صندوق بريدك

أسبوعيا

توفر سياسة خصوصيّة البيانات المعتمدة من طرف هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (SRG – SSR) معلومات إضافية وشاملة حول كيفية معالجة البيانات.